السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة : العدوان صار روتيناً والدولة غائبة… وسلاح المقاومة خط أحمر”

السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة : العدوان صار روتيناً والدولة غائبة… وسلاح المقاومة خط أحمر”

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين ومما جاء في خطبته السياسية:

عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بإحياء هذه الأيّام العشر من ذي الحجّة والّتي هي أيّام عبادة وذكر وبذل للأضاحي حيث ورد استحباب صيام الأيّام التسع منها وصلاة ركعتين تؤدّى بين المغرب والعشاء والتي يُقرأ في كلّ منها الفاتحة والتوحيد والآية {وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} واحياء يوم عرفة والّذي يأتي يوم الخميس القادم والّذي لا يقف احياؤه على الحجّاج وهم يقفون على جبل عرفات بل علينا القيام لاحياء هذا اليوم العظيم الّذي تغفر فيه الذّنوب العظام والالتزام بما ورد فيه من أدعية وصلوات وأذكار والّتي تتوّج بيوم العيد الّذي هو يوم فرح وسرور للّذين أحسنوا العمل وأدّوا ما دعوا إليه…

أيّها الأحبّة، إنّنا أحوج ما نكون إلى الأخذ بهذه الوصيّة والعمل بما تدعونا إليه لننعم بمحبّة الله وعطائه وفضله وننال ما عنده، حيث ورد في الحديث “ما من أيّام العمل الصّالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيّام العشر” وبذلك نكون أقوى وأقدر على مواجهة التّحديات…

والبداية من الاعتداءات الاسرائيليّة الّتي بتنا نراها في شكل يومي في عمليّات الاغتيال للمواطنين الّتي تجري عبر الطّائرات المسيّرة وهم في بيوتهم أو في أثناء تنقّلهم وفي الغارات الجويّة كالّتي شهدناها بالأمس والّتي طاولت الجنوب والبقاع أو عبر الاستباحة البريّة لعدد من القرى الحدوديّة والاستهداف للمواطنين الرّاغبين في العودة إليها، فيما يرفع الاحتلال علم كيانه على التّلال الّتي لا يزال يحتلّها ليؤكّد تثبيت احتلاله لها…

يحصل كل هذا التّصعيد رغم الالتزام الكامل للجيش اللبناني والمقاومة بموجبات قرار وقف اطلاق النّار والّذي تمّ بضمانة دوليّة من دون أن تقوم الدّول الرّاعية له بالدّور الّذي أخذته على عاتقها لردع هذا العدو والضّغط عليه، ما يدعونا إلى أن نعيد التّأكيد على الدّولة اللبنانيّة القيام بالدّور المطلوب منها لايقاف نزيف الدّم المستمر والعمل لوضع حد للمسّ بسيادة الدّولة

اللبنانيّة وأمن مواطنيها الّذي هو حق لهم على الدّولة، وكما قلنا سابقًا فإنّنا لا نريد أن نحمّل الدّولة ما لا تستطيع تحمله… فإننا نعي واقع الجيش اللبناني المعني بالأمن والقدرات الّتي يمتلكها هذا العدو ولكن هذا لا يعني أن لا تتحرّك الدّولة بقوّة للضّغط على الدّول الرّاعية لقرار وقف اطلاق النّار على الصّعيد الاعلامي والدّبلوماسي ولفضح ممارسات هذا العدو في المحافل الدوليّة وهو أضعف الإيمان.

إنّ من المؤسف أن لا نشهد حتّى الآن تحرّكًا جديًّا على هذا الصّعيد ما يجعل العدو يتمادى في اعتداءاته واستهدافاته الّتي يذهب ضحيتها شهداء وجرحى من أبناء هذا الوطن حتّى تحوّل هذا العدوان اليومي إلى أمر روتينيّ وعادي لا يثير أي رد فعل جدّي وفاعل بل نجد أن هناك من يشجع عليه ويريد أن يجني من ثماره.

إنّنا نعي الضّغوط الّتي تمارس على لبنان حيث الشّروط تتوالى من أن لا اعمار ولا استقرار ولا حلّ لأزماته الاقتصاديّة بدون سحب السّلاح وهم في ذلك لا يريدون من ذلك بسط الدّولة لسيادتها بقدر ما يريدون من ذلك انهاء سلاح بات وجوده يشكّل عنصرًا من عناصر قوّة البلد ووسيلة من وسائل الضغط على هذا العدو ومن دون تقديم أي ضمانات لخروج غير مشروط لهذا العدو من أرضه. هذا لا يعني في المقابل الاستكانة لهذا الضّغط بل نريده أن يشكّل دافعًا لكل اللبنانيين على الصّعيد الرّسمي أو الشعبي للتوحّد حول الموقف المحق والعادل للبنان الّذي يدعو إلى الزام العدو بالقيام بما عليه بعد أن التزم بكل بنود الاتّفاق، وإذ كان من حديث عن السّلاح فاللبنانيّون قادرون بعد ذلك على التّعاطي معه وبروح مسؤولة تأخذ في الاعتبار مصلحة هذا البلد وقوّته والحوار المفتوح هو السّبيل لمعالجة هذه القضيّة… ومن هنا نشيد بكلّ القيادات الرّسميّة وغير الرّسميّة الّتي دعت وتدعو من يطالب لبنان إلى سحب سلاح المقاومة إلى أن يبادروا للضّغط على هذا الكيان للخروج من لبنان.

في غضون ذلك، نجدّد دعوتنا لكلّ القيادات اللبنانيّة إلى الحرص على الخطاب الوطني المسؤول والعقلاني الّذي يأخذ في الاعتبار مصلحة هذا البلد وضمان وحدته والخروج من الخطاب المستفز الّذي يسهم في خلق مناخ التوتّر ان على الصّعيد الطّائفي أو المذهبي ويؤدّي إلى تعقيد

علاقة اللبنانيين بعضهم ببعض في وقت نحن أحوج ما نكون إلى التّماسك والتّعاون والوحدة في مواجهة تحديات الدّاخل وتعقيدات ما يجري في الخارج كما نجدّد دعوتنا للحكومة إلى أن يكون هاجسها واهتمامها هو لمعالجة الأزمات الدّاخليّة الّتي لا تنتظر، إن على الصّعيد الاجتماعي والمعيشي أو على صعيد اعمار ما تهدّم والّذي ينبغي أن يكون على رأس أولويات الحكومة والّذي وعدت به اللبنانيّين.

بالانتقال إلى الانتخابات البلديّة والاختياريّة الّتي عبّر خلالها اللبنانيّون عن خياراتهم وأودعوا المسؤوليّة للفائزين فيها لندعوهم إلى حمل هذه الأمانة بكل اخلاص والقيام بواجباتهم اتجاه من أودعوهم أصواتهم ومن لم يودعوهم وأن يتجاوزوا كل الحساسيّات الّتي تنتج غالبًا عن التّنافس الانتخابي سواء على الصّعيد العائلي أو السّياسي أو الحزبي وأن يكون هاجسهم هو العمل لانماء قراهم وسعيهم لتقديم النّموذج الأمثل للعمل البلدي والاختياري.

ونعود إلى غزّة حيث يستمرّ العدو بسياسته في ارتكاب المجازر والحصار والتّجويع لأهلها من دون أي رادع من ضمير أو حسّ إنساني والّذي يهدف لاخراج أهلها وتيئيسهم من البقاء فيها والّذي يستكمله في الضّفة الغربيّة من خلال العمل على تكثيف الاقتحامات وتوسيع مساحات الاستيطان فيها، تمهيدًا لضمّها إلى الكيان الصّهيوني محاولًا الحصول على غطاء عربي ودولي لتحقيق التّهجير…

إنّنا في الوقت الّذي نرى فسحة أمل في بعض المواقف الدّوليّة الّتي ارتفع فيها الصّوت ضدّ حرب الإبادة والتّجويع، لكنّها لم تصل إلى حدّ الضّغط على هذا الكيان وتجعله يراجع حساباته ما يشجّع العدو على الاستمرار في حرب الإبادة هذه.

No widgets found. Go to Widget page and add the widget in Offcanvas Sidebar Widget Area.