دراسة علمية لمركز الزيتونة تدعو إلى تبنّي خطة استجابة اقتصادية متكاملة في قطاع غزة تتصدى لمخططات التهجير المنهجية

دراسة علمية لمركز الزيتونة تدعو إلى تبنّي خطة استجابة اقتصادية متكاملة في قطاع غزة تتصدى لمخططات التهجير المنهجية

دراسة علمية لمركز الزيتونة تدعو إلى تبنّي خطة استجابة اقتصادية متكاملة في قطاع غزة تتصدى لمخططات التهجير المنهجية

   صدر عن مركز الزيتونة ورقة علمية من إعداد الدكتور رائد محمد حلس بعنوان “السياسات الاقتصادية لمواجهة التهجير القسري الإسرائيلي للفلسطينيين في قطاع غزة تشرين الأول/ أكتوبر 2023 – آذار/ مارس 2025“. حيث يشهد قطاع غزة تصاعداً خطيراً في السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير السكان الفلسطينيين قسراً، عبر أدوات متعددة تشمل العدوان العسكري، والحصار الاقتصادي، وتدمير البنية التحتية، والتضييق على سبل العيش.

   وقد بلغت هذه السياسات ذروتها خلال حرب تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي أسفرت عن دمار واسع ونزوح داخلي هائل في ظلّ أوضاع إنسانية كارثية. وتأتي هذه الممارسات في سياق مخطط أوسع يستهدف تقويض صمود الفلسطينيين ودفعهم نحو الهجرة، وفي ظلّ مشاريع سياسية تسعى لإعادة تشكيل الخريطة السكانية والجغرافية للقطاع، وهو ما أكّدته تقارير أممية بوصفه شكلاً من أشكال التهجير القسري المحظور دولياً.

   وفي مواجهة هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى بلورة سياسات اقتصادية فلسطينية فعّالة تتجاوز نطاق الاستجابة الطارئة، نحو مقاربة استراتيجية تُعزِّز الصمود وتمكين السكان من البقاء، من خلال دعم القطاعات الإنتاجية، وتوفير فرص العمل، وتوسيع مظلّة الحماية الاجتماعية.

   وانطلاقاً من ذلك، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل واقع التهجير القسري في غزة من منظور اقتصادي، والكشف عن دوافع المخطط الأمريكي – الإسرائيلي، واستشراف السياسات الاقتصادية الممكنة لمجابهته، من خلال رؤية نقدية تحليلية تستند إلى معطيات ميدانية، بما يُسهم في تقديم حلول واقعية تدعم صمود الفلسطينيين في هذه المرحلة المفصلية.

   وفي ضوء ما كشفت عنه الدراسة من حجم التحديات التي يواجهها قطاع غزة في أعقاب الحرب الأخيرة، تتجلى الضرورة الملحّة لتبنّي سياسات اقتصادية تتجاوز الطابع الإغاثي المؤقت نحو مقاربة شاملة ومركّبة تعالج جذور الأزمة وتؤسس لاقتصاد مقاوم ومستدام، فحجم الدّمار، واتّساع رقعة النزوح القسري، والتخطيط الممنهج لتفكيك النسيج المجتمعي، تتطلب استجابات تتكامل فيها الأبعاد الإنسانية والاقتصادية، وتضع على رأس أولوياتها حماية السكان وتعزيز صمودهم في أرضهم.

   وقد بيّنت الدراسة أهمية التحرك وفق ثلاث مستويات زمنية مترابطة: أولاً من خلال استجابات عاجلة تتمثل في الحماية الاجتماعية الطارئة وتوفير فرص عمل مؤقتة ودعم الأنشطة المدرّة للدخل؛ وثانياً عبر سياسات متوسطة الأجل تركّز على إعادة الإعمار والتنمية المحلية وتوسيع قاعدة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني؛ وثالثاً بتبني رؤية بعيدة المدى لبناء اقتصاد مقاوم يرتكز على تعزيز الإنتاج المحلي والسيادة الاقتصادية والتحرر من التبعية.

   وفي هذا السياق، تؤكّد الدراسة على أن مجابهة مخطط التهجير القسري لا يمكن أن تتم دون التأسيس لعدالة اقتصادية واجتماعية، تُعيد توزيع الموارد بشكل منصف، وتُشرك الفئات المهمّشة، وخصوصاً النساء والنازحين، في عملية إعادة البناء والتنمية، كما أن تعزيز التكامل بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وتفعيل دور المجتمعات المحلية في التخطيط والتنفيذ، يُعدّان ركيزتين أساسيتين لتحقيق الاستدامة وتعزيز الشعور بالملكية والانتماء.

   وبناءً عليه، فقد اقترحت الدراسة مجموعة من التوصيات الختامية، تلخَّصت في تبني خطة استجابة اقتصادية متكاملة تشمل تدخّلات عاجلة ومتوسطة وبعيدة المدى، يتمّ تطويرها بالشراكة مع الجهات الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وبما ينسجم مع السياق الفلسطيني ويتصدى لمخططات التهجير المنهجية من خلال توسيع الحماية الاجتماعية والنقدية للفئات المتضررة من النزوح.

   ودعت الدراسة إلى تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء والنازحين عبر دعم المشاريع الصغيرة والتعاونيات النسوية، وتوفير فرص العمل من خلال برامج “النقد مقابل العمل” وتطوير المهارات الرقمية والمهنية. كما دعت الدراسة لإعادة إعمار المناطق المدمرة بنهج تنموي عادل يضمن عودة آمنة للسكان، ويُركز على استخدام موارد محلية وتقنيات مستدامة توجد فرص عمل وتقلِّل من التبعية. وبناء اقتصاد مقاوم يُحقق الاكتفاء الذاتي من خلال الاستثمار في الزراعة والصناعة، وتوفير حوافز للمشاريع الإنتاجية، وتقليص الاعتماد على السوق الإسرائيلي، مع تفعيل دور البحث العلمي والابتكار.

No widgets found. Go to Widget page and add the widget in Offcanvas Sidebar Widget Area.