المدارس الكاثوليكية على المحك: هل تُسرق حقوق المعلّمين ببركة الكهنوت؟

المدارس الكاثوليكية على المحك: هل تُسرق حقوق المعلّمين ببركة الكهنوت؟

المدارس الكاثوليكية على المحك: هل تُسرق حقوق المعلّمين ببركة الكهنوت؟

جوي حداد

تشهد المدارس الكاثوليكية في لبنان أزمة متفاقمة تُهدّد كرامة مئات المعلمين والمعلمات والموظّفين الإداريين، وسط مُمارسات وصفت بأنها مُخالفة للأصول التربوية والإنسانية، وتتنافى مع الرسالة التي يُفترض أن تحملها هذه المؤسّسات.

فقد تبيّن أنّ بعض الإدارات، وبتوجيهات أو تغطية من الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكية برئاسة الأب يوسف نصر، وبتوجيه من راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر، تعمد إلى اتّباع أساليب غير شفّافة في تقليص الأعباء الوظيفية.

وتشمل هذه المُمارسات إعادة هيكلة صورية للوظائف، أو الضغط على الموظّفين لدفعهم نحو الإستقالة أو التقاعد القسري، في مُحاولة للالتفاف على حقوقهم المُكتسبة، وفي طليعتها سلسلة الرتب والرواتب والزودات التراكمية التي أقرّتها الدولة اللبنانية.

وفي حالات عديدة، يُعرض على الموظّفين توقيع عقود وتسويات جديدة تُجبرهم على قبول ما لا يتجاوز 60٪ من حقوقهم، والتنازل عن أي زيادات مُستقبلية تقرّها الدولة، كغلاء المعيشة وسواها.

كما يُطلب منهم تحمّل كامل الضرائب والاقتطاعات التقاعدية من رواتبهم المتدنّية أصلاً، مُقابل وعود بإعادة توظيفهم برواتب أقل، ما يُمثّل انتقاصاً فاضحاً من كرامتهم ومكانتهم ودورهم الأساسي في العملية التربوية.

وفي حالات أخرى، يُعرض على الموظف أن “يسوّي وضعه” بخسارة كبيرة، تُحتسب وفق انهيار العملة الوطنية، ليُعاد توظيفه من جديد بنصف حقوقه، وبراتب لا يتعدى نصف ما كان يتقاضاه سابقاً، وكأنّ سنوات الخدمة والولاء تُمحى بجرة قلم.

تصل بعض هذه التسويات إلى حدود تخفيض تعويض التقاعد إلى ما لا يزيد عن ألف دولار فقط، أو حتى ما يعادل 20 أو 30 دولاراً شهرياً، بعد أكثر من ثلاثين عاماً من الخدمة والتفاني.

فهل يجوز لمؤسّسة دينية، تدّعي الالتزام بقيم العدالة والرحمة، أن تبارك سرقة جنى عمر العاملين فيها تحت غطاء إعادة الهيكلة؟

وفي هذا السياق، يُطرح سؤال جوهري: في ظلّ مُطالبة البطريرك الراعي المُتكرّرة بمُكافحة الفساد ومُحاسبة المسؤولين، هل يُعقل أن يُسمح للمسؤولين عن المدارس الكاثوليكية بسوء استخدام السلطة، واتّخاذ قرارات استنسابية بإعفاء من يريدون، ثم فرض تسويات مُجحفة على من تبقّى من الموظّفين؟

إنّ ما يجري لا يمكن وصفه سوى بأنه اعتداء ممنهج على الحقوق، وتدبير يباركه الكهنوت، يضرب بعرض الحائط النزاهة التي يُفترض أن تتحلّى بها المؤسّسات التربوية الكنسية.

وفي ظل الأزمة الإقتصادية والمعيشية الخانقة، تتضاعف مُعاناة المعلّمين الذين لطالما شكّلوا العمود الفقري للمدرسة الكاثوليكية وواجهتها الأكاديمية.

لا يصحّ أن يُحمّل هؤلاء وزر العجز المالي وسوء الإدارة، فيما تَستمرّ بعض مظاهر البذخ والترف الإداري دون مُساءلة أو مُحاسبة.

إن ما يحدث اليوم يتطلّب وقفة ضمير حقيقية، ونقاشاً وطنياً واسعاً، وإعلاماً مَسؤولاً يسلّط الضوء على مصير المدرسة الخاصّة، ودور المؤسّسات الدينية في حماية من خدموها بإخلاص عقوداً طويلة.

السكوت لم يعد خياراً… والتاريخ لن يرحم.

No widgets found. Go to Widget page and add the widget in Offcanvas Sidebar Widget Area.